الثلاثاء، 17 يوليو 2007

الشهره وعلاقتها العكسيه بمعارضة النظام

في ظني الشخصي وأعتقد أن الكثيرين متفقين معي

أن الأديب هو بالأساس معارض جيد

لأن الأدب الذي هو ذلك الفعل الذي يصبو دائماً إلي الكمال

لابد ألا يرضي عن أي شئ قائم بالفعل

لأنه في نظرته الطامحه والإستشرافيه يجد في الأفق ماهو أفضل من القائم حتي وإن كان صعب التحقق

وعلي هذا الحكم الذي لا أعتقد أنني وحدي من أؤمن به

فإن الأديب لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون رجل السلطه ولا أن يعمل تحت إمرة وتوجيهات المسئولين والحكام

لكن في الواقع وعلي المستوي العملي

سنجد أن هناك الكثيرين من الأدياء إحترفوا العمل في نطاق السلطه ومن أبق منهم سنجد أنه عاني علي مستوي الشهره والإنتشار

ولننظر لمصر من مرحله تاريخيه سابقه وإلي الأن

سنجد أن مصرمنذ ما قبل قيام الثوره كانت تتمتع بنظام شبه ليبرالي برغم تضييقات الإحتلال الإنجليزي

وسنجد أن هذا تمثلت معالمه بجلاء في نواحي شتي كان منها بالطبع الجانب الأدبي الذي رأي من الإزدهار في هذه المرحله ما حرم منه فيما بعد ذلك

وكان في هذه المرحله أدباً قائماً علي تعددية المنابر وحرية الرأي والقول دون مصادره أو تضييق

ولكن مع قيام الثوره في 1952 وما تأسست عليه من توجهات دخلت علاقة الأدب بالسلطه والمجتمع في مرحله جديده لم يشهدها من قبل

فكما قام النظام الجديد بتأميم الصراع الطبقي بعد إلغاء الأحزاب وتوحيد كل التيارات والتوجهات السياسيه تحت مظلة الإتحاد الإشتراكي والتنظيم الطليعي

كان لابد إحكاماً للسيطره أن يقوض المثقفين الذين يمثلون له منطقة غني أو فقر علي حسب إستفادته منهم وتعامله معهم

وتم طبقاً لهذا الرأي تأميم اأدب والثقافه كما سبق مع السياسه والأحزاب

ووجدنا وزارة الثقافه عبر هيئات حديثه متعددة المستويات تقوم بالإ ستحواذ علي العمل الثقافي

كما نجح النظام الجديد في ضم العديد من الأدباء تحت لوائه ليكونون في المرحله التابعه لذلك من أكثر الأسباب التي ساهمت

في ترسيخ دعائم النظام الجديد وإكسابه الشعبيه التي أهلته لأن يصبح المتصرف الأوحد دون منازع في قلوب الجماهير وأن تطلق يده في شئون البلد دون سؤال

بالطبع فإن هناك من الأدباء من إستجاب لهذه الحمله لالنظاميه علي الأدب

وهناك من رفض الهيمنه الرسميه علي الثقافه الرسميه وحتي من لم يتبني هذه الآراء الجمعيه فإنه رفض علي الأقل أن تتحكم المؤسسه الحاكمه في ضميره الشخصي بعيداً عن الإعتبارات العامه

وأياً كانت مواقف الأدباء فإن ها إختيار شخصي لا يملك أن يحاسبهم عليه وعلي نتائجه إلا ضمائرهم والله

ولكن الموضوع يعنيني من زاوية ماتحقق لهؤلاء السائرون في ركب النظام من ثقل إعلامي لم تتيحه المعارضه لمن تبناها رغم الفارق في القدره الإبداعيه والموهبه

ولننظر مثلاً إلي الشاعر المبدع صلاح جاهين

وهو مممن تبنوا وجهة نظر المؤسسه الرسميه وحقق من الشهره الكثير وهو بالطبع يستحقه

ولكن لننظر للجانب الآخر من الموضوع ونعقد المقارنه حتي نستجلي الصوره كامله

فعلي النقيض من صلاح جاهين كان هناك مبدعاً لم ولن يتكرر وهو في نفس مجال جاهين

وهو الشاعر الكبير العظيم عمنا فؤاد حداد

لم يحظي حداد بربع شهرة جاهين رغم أنه يمتلك أضعاف موهبته

وعاني حداد من معتقلات النظام لمدة تسع سنوات في مقابل جاهين الذي نعم برفاهية النظام لا معتقلاته

أنا هنا أحاول قدر المستطاع ألا أكون متحاملاً علي أحد خاصة أنهم جميعاً قد أصبحوا بعيوبهم ومميزاتهم تاريخاً وطنياً لا يمكننا محوه ولا يصح أيضاً أن نحاول ذلك

وإستجلاءً للصوره لننظر إلي بعض المبدعين في مقارنه زمنيه تعضد المقارنه السابقه بين الأسماء والإمكانات

سنجد أن هناك شاعراً كعبد الرحمن الأبنودي قاسي من النظام الثوري ومعتقلاته ولم يحظ أيضاً بشهره كبيره في هذا العهد

لنجده فيما بعد يصبح من أكثر الأسماء التي ترعاها المؤسسه الرسميه

ونجده نجماً إعلامياً تعقد له الندوات خصيصاً بالداخل والخارج وتقام له البرامج التليفزيونيه لأي شئ حتي ولو كان سيحكي قصة مشي الوالد والوالده من أبنود إلي محطة القطار

وهذا أيضاً لم يتحقق لأسماء عديده غيره ومنها مثالاً لا حصراً الشاعر الكبير سيد حجاب

رغم أنه أيضاً يمتلك أضعاف موهبة الأبنودي

وفي سياق آخر من التوضيح سنجد أن هناك نموذجاً من الذين إحترفوا المعارضه سابقاً وعانوا من جرّائها سجناً وتضييقاً

ثم تحولوا إلي الحياد أو لنقل بياتاً شتوياً أهلهم لأن يحققوا الشهره التي فقدوها زمناً بإطمئنان لالنظام إلي أنعهم قد أصبحوا من المسالمين

وسنجد مثالاً لذلك عمنا الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم

فنجم الستينات والسبعينات

الذي عاني من المعتقلات والسجون لمجرد مواقف لم يرد أن يتخلي عنها

نجم الذي تم سجنه بسبب قصيده بما يطرح ثقلاً كان يتمتع به ورعباً كان يسببه للنظام

وهي قصيدة شحاته المعسل ولعل جميعنا يذكر روعتها وكذلك روعة المرافعه التي قالها نجيب الهلالي في جلسة محاكمة نجم ولم يفلح في أن ينتزع له البراءه

سنجد أن نجم منذ التسعينات وما لحق به فيها والضربه الكبري من وفاة شريك مشروعه المقاوم الشيخ الجميل إمام عيسي

تحول نجم من نجم السبعينات المحجم إعلامياً والمحاصر في أوساط المثقفين والمناضلين

إلي نجماً حقيقياً يتمتع بهاله إعلاميه لم تتوفر له من قبل

وهذا ليس تشكيكاً في عمنا الكبير لكنه علي ما أعتقد إطمئناناً من النظام إليب أن الرجل لم يعد يشكل خطراً

أنا لاأشق علي أحد وليس من الجائز أن نطالب أحداً بالإستمرار في النضال برغم الظروف والمتغيرات

فنجم ناضل وعارض كثيراً والمفروض أننا في بلد ينجب من هم قادرون علي المواصله وإراحة الآباء

فنجم ليس مهادناً كما ذكرت وهو أب جليل في العقد الثامن من عمره

إلا أن الموضوع في النهايه يبين الآليه التي يتعامل بها النظام مع مسأله إتاحة الإعلام وتحقيق الإنتشار الإعلامي لمن دون الآخر

أما عن الوضع الحالي بأسمائه الحاليه الجديده والتي إنتمت إلي هذه المرحله فسنجد الكثيرين من الأدباء الذين ساهمت المؤسسه الرسميه في تحقيقهم إنتشاراً كبيراً كان مبعثه اأول هو تبنيهم لوجهة النظر الرسميه

هذاغ فيما يتعلق بالوضع في مصر

فماذا عن الوضع بالبلدان الأخري

مسألة المحاصره والتحجيم الإعلامي موجوده منذ القدم وإتبعتها الكثير من الدول والحكومات

وتاريخياً سنعد الكثير من الأسماء التي ساهمت في نجاح الأنظمه وساهمت الأنظمه في نجاحها أيضاً

بدءً من المتنبي قديماً وإلي أحمد شوقي ويوسف السباعي ومحمد الصاوي والذي يطرح أيضاً بجانب هذا السؤال سؤالاً آخراً ليس بأقل في الأهميه حول علاقة المال بالأدب والذي ساهم أيضاً في تغذية الكثير من الأسماء بالإنتشار وأقام تحالفاً قوياً معها

فالصاوي الروائي غير القوي فنياً أو غير المتجاوز ساهم المال في إنتشار كبير لهة وإن كان بعد موته عبر المؤسسه التي أقامها أبنائه رجال الأعمال والتي تعرف بإسم ساقية الصاوي

والمال أقام تحالفاً أيضاً مع عمنا أحمد فؤاد نجم عبر رجل الأعمال نجيب ساويرس الذي أقام له حفل عيد ميلاده في إحدي دور السينما مكلفاً إياه ثمانين ألف جنيه

ومؤخراً حاول ساويرس أن يوسع من دائرة التحالف عبر جائزته التي أنشئها في القصه والتي أعتقد أن ساويرس أراد من خلالها أن يبرز موهبته المدفونه في كتابة القصه

عودة إلي الأسماء التي ساهمتع السلطه في إنتشارها

هناك أيضاً منهم ثروت عكاشه وهو أحد الضباط الأحرار

وعالمياً هناك أيضاً العديد من الأسماء التي دخلت إلي دوائر الضوء عبر الأنظمه الحاكمه

وعلي مستوي من عانوا من مجابهتهم للأنظمه وحوصروا علي المستوي الإعلامي

سنجد في مصر صنع الله إبراهيم وغيره الكثيرون

وعالمياً بابلوا نيرودا وفريدريكوا جارثيا لوركا وغيرهم الكثيرون أيضاً

وإن كان هذا الحصارقادته الإنظمه إعلامياً ضد معارضيها من الأدباء والمثقفين إلا أنهم كانوا يحظون بإنتشاراً إعلامياً في أوساط المثقفين

ومالبثت أن تحولت الأمور مع تحول آليات الإعلام والثوره التي حدثت في وسائل الإتصال وعبر حركات الترجمه إلي اللغات الأخري فنال هؤلاء الشهره التي كانوا يستحقونها

ولكن هذا التغير الذي حدث في وسائل الإعلام لم يؤت نتائجاً ملموسه علي الصعيد المصري

وواضح أن مصر نجحن في ما لم تنجح فيه الدول المتقدمه من تحييد الإعلام فيما يخصها من قضايا تتعارض مع مصلحة النظام الشخصيه

ففي الوقت الذي نجد فيه أسماءً معارضه عالميه تحقق إنتشاراً عالمياً رغم محاصرة حكوماتها حتي وإن كانت الولايات المتحده الأمريكيه ونجد أن روائياً مثل أورهان باموك ينتشر ويحصل علي نوبل رغم التضييق التركي الرسمي عليه

نجد أن السياسه المصريه مازالت تنجح في ان تحاصر مالم تريده من أسماء وتمنح الشهره لمن تريده أيضاً

ومن يخرج من هذا التضييق لا يعدوا خروجه أن يكون بمثابة خروج إلي المثقفين إلي جانب دائره ضيقه من المتلقين والمثال قائم مع الروائي علاء الأسواني

الذي هلل له البعض علي إعتبار أنه صوتاً معارضاً كسر دائرة الحصار

ورغم أنه لم يكسر هذه الدائره ولا حتي أحدث بها شرخاًة إلي أنه إن كان قد حقق إنتشاراً معيناً فهو بالأساس عائد إلا أن النظام المصري رفع عنه الحصار لأنه يهاجم الحقب الماضيه التي يسعي النظام بالأساس إلس أن ينسفها وهو بالتالي يحقق مايريده النظام

إلي جانب أنه ينتقد الأوضاع القائمه عير أسماء هي لا تعني للنظام إلا كبش الفداء الذي يتم التضحيه به وهو بالتالي يعمل في سياق المنظومه الرسميه أيضاً

وعليه فأنا أسجل إعجابي التام بالشملول الرئيس مبارك ونظامه لأنه نجح في تحقيق الحصار التام للأدباء وهو مالم تنجح فيه دولاً أخري أكثر تقدماً من مصر

ليست هناك تعليقات: