الثلاثاء، 17 يوليو 2007

نسبية المصطلحات وأزمة النظام والمعارضه في مصر

أعتقد أن أحد أكبر الأسباب في أزمات المجتمعات العربيه بعامة والمجتمع المصري بخاصة هو الحديث بالمطلق

فكل متحدث يدعي أنه الأعلم وأنه الأصح

وكل صاحب رأي يصادر علي الآخرين ويدعي إمتلاك الحقيقه المطلقه

وقد يكون هذا مبرراً للخطأ

بل ومبرر أيضاً لتقبل الخطأ

وبالنظر إلي التاريخ الإسلامي كجزء مهم وحيوي من التاريخ العربي سنجد أن حدث مهم ومؤثر كالفتنه الكبري كان سببه الأول بل والأوحد هو رؤية كل طرف أنه هو من يحمل الحقيقه بين جنبيه

أو علي الأقل هذا هو مبرر رجال الدين للحدث رغم أنهة من أكثر الأحداث تأثيراً في التاريخ الإسلامي

ويطرح أخطاءً كبيره لرجال الإسلام الذين تبنوا أحد التوجهين في هذا الوقت وفي الوقت الحالي

إعتبر رجال الدين أن كلا الطرفين قد إجتهد وله أجر الإجتهاد متغاضين عما أحدثه هذا من شرخ في بناء الدوله الإسلاميه وحاولوا إضفاء الغموض علي الموضوع والقداسه علي أطرافه المتصارعه ليقفلوا باب الحوار

أي أن الموضوع رغم تأثيره لم يعدوا كونه إختلافاً في وجهات النظر حول طرق الحل وأولويات التغيير من عزل الولاه المتمردين أو الثأر لعثمان

وقياساً علي هذا الحدث من الممكن ان نلتمس العذر لطرفي المعادله في صورتها الحاليه في مصر

وأنا أولاً أؤكد أنني لا أدافع عن النظام لأنني من أكبر وأكثر المعارضين له سراً وجهراً

كما انني لا أدافع عن المعارضه في صورة الأحزاب والمثقفين والنخب لأنني أيضاً أكره التعالي والتسامي والتغيير من الأعلي

وأكره حذلقة وفزلكة المعارضين والمثقفين

لكن الموضوع يحتاج لوقفه مهمه حول الحقيقيه المطلقه ومن يمتلكها وهل من الساس من الممكن ان يمتلك احد الحقيقه المطلقه

النظام يري أن المعارضين أصوات كريهه وكارهه للإصلاح

والمعارضون يرون ان المظام نظام عميل خائن يعمل في فلك أمريكا وأنه تنازل عن الدور المصري الكبير والمهم والفاعل طوال أزمان كثيره في المنطقه بل والعالم

ولكي لا تكون إتهامات النظام للمعارضين ولا إتهامات المعارضين للنظام إتهامات جزافيه دون وعي أو تدقيق ولمصالح شخصيه

وإبتغاءً للمصلحه العامه لابد أن نتفق علي المصطلحات

وهذا ما جعلني أطرح إشكالية الفتنه الكبيري في التاريخ الإسلامي بشكل مختصر

فكل حبيب ينفصل يتهم حبيبه بالخيانه وأنه كان وفياً دون أن يحدد معني الخيانه والوفاء من وجهة نظره

ودون أن يعرف معناهما من وجهة نزر الطرف الآخر وهذا بالطبع قصور في الرؤيه

سهل أن يتهم النظام معارضيه بأنهم عملاء وخونه وضد مصلحة البلد وسهل أن يتهم المعارضون النظام بنفس التهم

لكن أحداً لم يكلف نفسه بمعرفة حقيقة وحدود هذه التهم من وجهة نظر كل طرف ومحاولة الإتفاق والوصول إلي تعريفات متسقه ومتشابهه تجعل التهم ثابته وواضحه ولا مراء فيها

وأعتقد أن هذا جزء من إستراتيجية الخداع الراسخه في العقل العربي

فالغرب علي إختلاف دوله تخطي هذه المرحله علي الأقل داخل الكيلن الشخصي الخاص به وإستطاع أن يتفق علي المفاهيم والمصطلحات بما سهل تحديد المسؤليه بشكل أقرب للصحه

ولذلك نجد أن اللغط واللت والعجن لا يكثر عندهم ولا يقال ويعاد ويتهم ويبرأ

تهم النظام للمعارضين واحده ومتكرره لكن ما ماهيتها ومعناها

المعلرضون طبقاً لإتهامات النظام أصوات مأجوره وعميله وضد مصلحة البلد والإصلاح

لكن ما هو المعني الحقيقي والواقعي للعماله والخيانه ولمعاداة مصلحة البلد ثم ما هي مصلحة البلد أساساً هل هي ما يفعله النظام أم ما تفعله المعارضه

ولعل ما حدث كثيراً من أجهزة إعلام الحكومه يبين إلي أي مدي يتم إستغلال هذا الغموض ومؤخراً قضية هاله سرحان علي سبيل المثال التي نفخ فيها إعلام النظتم وإعتبر أنها إساءه لسمعة مصر علي إعتبار إن البنت مالهاش إلا سمعتها وإننا عايزين نجوز البنت ونستّرها

وواضح اللبس في إستخدام التعريفات الغامضه ماهي سمعة مصر وهل البلاد لها سمعه مثل الأفراد وهل عرض الحقائق يعتبر تشويهاً لسمعة البلد إذا هو منهج يحاول المصادره باسم المفاهيم الملتبسه

نأتي لتهم المعارضه للنظام

أنه نظام عميل وضد مصلحة الشعب وأنه أضعف مصر وتنازل عن ريادتها ودورها القائم

كيف تري المعارضه مفهوم العماله وما هي مصلحة الشعب من وجهة نظرها إذا كانت سياسات النزام معاديه له وتعمل ضده فهل عنجهية وتعالي المعارضه هي مصلحة الشعب

وما هو دور مصر الذي صدعنا الجميع بالحديث عنه

هل هنال وصفه سحريه ثابته إسمها دور مصر وريادة مصر والتخلي عن هذه الوصفه هو تخلي تام عن دور مصر

هل إستشهاد المعارضه بنماذج ثوريه وقياديه حققت أدوار قويه لبلادها في مواجهة الغول الأمريكي يمكنها ضحد إستشهاد النظام بحالة السلم والتعاطف والتأييد الدولي

المعارضه تري أن مصر عبد الناصر كانت قويه وصاحبة رياده في المنطقه أضعفتها مصر السادات وقتلهتا مصر مبارك

وأن فيدل كاسترو وهوجو شافيز وفلاديمير بوتين وأحمدي نجاد أصحاب مواقف قويه ضد الهيمنه الأمريكيه ولهم ادوار مؤثره في السياسه العالميه وأذكياء سياسياً بعكس النظام المصري

والنظام يري أن صدام حسين والتضييق علي شافيز ومحاصرة كوبا كاسترو منذ أزمة الصواريخ وخليج الخنازير والحرب المحتمله علي إيران وتهديد سوريا وتفكك الإتحاد السوفيتي في التسعينيات وإستجدائه لأمريكا بمعونتها التي تمنحهها لها لصيلنة أسلحته النوويه وتفكيكها التدريجي

هي النهايه الطبيعيه والمتوقعه لهذه الأنظمه الغبيه سياسياً وأن الذكاء السياسي المصر يهو ما كفل لها صداقة الغول الأمريكي

ما هو الغباء السياسي

وما هو الذكاء السياسي أيضاً

النظام يتحدث عن الديمقراطيه والإصلاح والتنميه

والمعارضه تتحدث عن الإستبداد والفساد والفقر

ما معني هذه المصطلحات السابقه

الديمقراطيه هل هي ديمقراطية النظام ام ديمقراطية المعارضه أم ديمقراطية فلسطين أم ديمقراطية إيران أم ديمقراطية الولايات المتحده وأوربا

المعارضه تري أن النظام لا يقود البلد في الإتجاه لاصحيح دون أن تعرفنا ما هو الإتجاه الصحيح تماماً كجماعة الإخوان المسلمين التي تقول أن الإسلام هو الحل هكذا في المطلق لكن كيف لا نعرف ولا هم يعرفون هو إستثمار للغموض يشابه إستثمار رجال الدين والمشعوذين للميتافيزيقيا والغيبيات

ماهي الوطنيه وما هو الشعب ومصلحته والعمل معا أو ضدها ما هو الفساد وما هي الأمانه وما هو الضمير ماهي الديمقراطيه

ديمقراطية الإختيار أم ديمقراطية الفعل الديمقراطيه التي تتيح فرصاً متساويه أم التي تأتي بقاتليها

النظام يستثمر الغموض بنفس الآليه التي تستثمره بها المعارضه وكلاهما يحاول أن يلصق التهمه بالآخر رغم أن كلاهما متهم ومتواطئ ونحن أيضاً لأن أولي الخطوات المهمه هي أن نتفق علي تعريفات واضحه وصريحه للأشياء السابقه

لا نريد تعريفات مطلقه ولكن نريد تعريفات نسبيه متفق عليها تتيح لنا أن نحاكم منة يتخطون الأعراف والقوانين تحت زعم غموضها الحالي

إذا إتفقنا ماهي الديمقراطيهة يمكننا أن نحدد تحققها أو إغتيالها وان نقيمها رغماً عن الرافضين إذا حددنا ما هو الفساد يمكننا منعه

السارق يسرق علي إعتبار أنه يعمل للصالح

روبن هود كان يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء معتقداً أنه يفعل الأصلح رغم أنها في الأول والآخر سرقه وإن إختلف الهدف

النظام يعتقلنا ويضربنا ويسحلنا متصوراً أنه يفعل الأصلح رغم أن الآليه خاطئه ورغم أن الأصلح نفسه محل خلاف

المعارضه تعارض الفساد والتمديد والتوريث رغم أن سجلاتها الماديه مليئه بالأهوال وقيادلتها فاقوا العمر الإفتراضي

إذا أردنا بحق أن نحقق مانريد من أنفسنا ومن البلد ومن النظام علينا أن نحدد المفاهيم وأن نضبط التعبيرات اللغويه المتناقضه والغامضه والتي يعمل عليها كل فصيل بما يخدم أهدافه لاشخصيه ليتبقي في النهايه فقراء مصر وأناسها العاديون الذين لا يستطيعون التنظير ولا تعنيهم الخلافات الفوقيه يكيلون الدعوات للنظام والمعارضه علي حد سواء في ظل تجاهل تام لظروفهم وقضاياهم ومصطلحاتهم المهمه

والتي أولها ما هي مصر وما ماهيتها

هل هي مصر مبارك وجمال وأحمد عز والشاذلي وسرور والشريف

أم مصر رفعت السعيد ومصطفي بكري وأيمن نور ومحمود أباظه ونعمان جمعه فك الله أسره

أم هي مصري ومصرك ومصر أهلنا وأصدقائنا وجيراننا

لابد أن نعرف ونعي ونحدد

ليست هناك تعليقات: