الأحد، 4 نوفمبر 2007

هل يدخل اليهود والمسيحيون الجنه؟

سؤال ملغز ومحير وتابو في حد ذاته ممنوع علي كلا الجانبين أن يتحدثا فيه
ولن يكون بوسعك أن تحصل علي جواب صريح من كليهما بالإيجاب أو النفي لن يقول لك المسيحي ولا اليهودي رأيه ولن يقول المسلم رأيه رغم
أن كلاهما يضمر الرفض ويعتقد أن الجنه من حظ طائفته ودينه فقط
وأن قد جمعت اليهوديه والمسيحيه وتعاملت معهم كفرد لأنهم أقرب ما يكونون نموذجاً شبه متوحد أو علي الأقل متقارب وكذلك فإنهم نتجا من فرع واحد من ذرية إبراهيم عليه السلام علي عكس الإسلام
قضية الجنه قضيه ملغزه ومثيره للإحتقان من قبل جميع الأطراف
وأنا بشكل شخصي كمسلم لا يعنيني رأي المسيحيين ولا اليهود في هذه القضيه بالنسبه لنا ولكن يهمني أن نناقش الموضوع بموضوعيه وعقلانيه وفي ظل أدله واضحه وصريحه من القرأن بوصفه المرجع الأعلي لنا كمسلمين ورغم أنني علي درايه بالكتاب المقدس سواء العهد القديم أو الجديد وكثيرون يعلمون ما به وأدلته علي صحة موقفنا ليست بخافيه إلا أنني أطرح ما يخصني كمسلم من هذا الموضوع منتظراً أن أري الشجاعه الأدبيه من الطرف الآخر كخطوه علي طريق تصحيح المسار ورد الإعتبار للنصوص المقدسه وفهمها فهماً صحيحاً



وبداية فالخلاف المنهجي حول القضيه سوف ينتج من الإسم أو الأسماء أي من اسماء الأديان الثلاثه
فاليهوديه إشتق إسمها من يهوذا وهو أحد الأسباط الإثني عشر اي انه إسم من فرلد وليس من عقيده وكذلك المسيحيه إشتقاقاً من المسيح وغن حاولنا أن نغير الإسم بإسم آخر مستخدم سنجد النصاري إشتقاقاً ممن ناصروا عيسي
أو الأقباط إشتقاقاً من قبط وهي مصر باللغه القديمه
أي أن الإسمين بكل الشكال والأحوال إشتقاقاً من أفراد وليس من عقائد
علي الجانب الآخر سنجد أن الإسلام إشتقاقاً من عقيده لكن لازال هناك خلاف قائم علي التسميه
وسيتضح هذا الخلاف في ما سأسوقه من أدله
أولاً لابد أن نستوضح معني كلمتين سوف يكونا هما الظاهرين في هذا الصراع
وهما كلمة مسلم وكلمة مؤمن
ومسلم من أسلم أو سلّم أي رضي وإنقاد
إما مؤمن من آمن فمعناها وافق وإقتنع
أي أن إحداهما تحمل عملاً يحمل علي وجه من الجبريه والثانيه تحمل علي الإختيار أو أياً كان فإننا سنلاحظ علاقه شبه شرطيه بينهما
أي أنك كي تصبح مؤمناً لابد أن تكون أسلمت من قبل
أي يسبق إقتناعك إنقيادك
والقرءان يقول

قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا

أما الإسلام ذاته فهو شرعياً ملة سيدنا إبراهيم التي عبد الله عليها أي أن الإسلام هو التوحيد لله سبحانه وتعالي
والقرءان في هذا الموضوع ساق الكثير من الأدله الدامغه التي منها

إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين


ربنا وإجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك


وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين



أي مما سبق فإن كلمة مسلم هي عقيدة التوحيد التي إعتنقها إبراهيم عليه السلام وليست إسماً مخترعاً ليدل علي الرساله التي جاء بها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
ومما يعضد هذا أن آيات قرىنيه كثيره جاءت علي لسان عيسي وموسي وأقوامهم تؤكد تسليمهم وتعترف بأنهم من المسلمين



وقال موسي يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين




وكذلك قول فرعون عند غرقه


قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين

ويعقوب يا بني إن الله إصطفي لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون



قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون


وفي الآيه 136 من سورة البقره
وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون


إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين



فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين


قالت ربي إني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لرب العالمين


وهناك الكثير من الأمثله التي أتت علي لسان أنبياء وشعوب سابقين تؤكد أنهم داخل دائرة الإسلام وأنهم مسلمين لله وموحدين بنفس ملة وعقيدة إبراهيم
وما يؤكد هذا أن خطاب الله سبحانه وتعالي للمسلمبن المتبعين لرسالة محمد صلي الله عليه وسلم كان دائماً وفي كل المواضع بنداء يا أيها الذين آمنوا ولم يستخدم يا أيها الذين أسلموا ولكي لا نضطر لنفي هذا التصور إعمالاً لرأي أن الإيمان مرتبه عليا لا ينالها كل من إتبع محمد سوف نرجع لآية الأعراب التي ينفي الله عنهم الإيمان أي أن الخطاب لهم يجردهم من هذه الدرجه ويؤكد أن المجتمع الإسلامي بصحابته وأتقيائه لم يصل جميعه لدرجة الإيمان وهو ما يستوجب في حالة الخطاب الجماعي أن تكون لغة الخطاب بالصفه المشتركه حتي لا يستثني شريحه كبري وقاعده عريضه من هذا النداء
فالله سبحانه حين يخاطب المسلمين في آيه يتضح من سياقها أنها للمسلمين كافة وليست مخصصه أو تنبيه بالأعلي علي الأدني نجد أن النداء ب يا أيها الذين آمنوا
أي أن العلم علينا كأمه ودين في الخطاب القرآني كاملا بالإيمان مفرقاً لنا عن المسلمين التي هي شريحه عريضه تشمل اليهود والنصاري وما قبلهما من الموحدين علي ملة إبراهيم
وتنوع خطاب الله سبحانه للمسلمين في القرآن بآيات مثل



يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي



يا ايها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله


يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام


يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم غنفروا في سبيل الله اثاقلتم



وهكذا نجد أن الخطاب القرآني ميزنا عن الكتابيين الموحدين الذين سبقونا بالإيمان لأننا مشتركون في الإسلام
وحتي لا نضطر أن نخترع مبررات لننفي الوحدانيه عن الكتابيين فأنا متفق مع من سيقول أن هناك إشكاليات في اليهوديه والمسيحيه وأن عقيدة التثليث مشكله كبيره تنسف توحيد المسيحيين لكنني أود توضيح أنني أناقش المبدأ في الموضوع إقتراباً من المنبع والأساس ودون تقييم لحالة النص الديني الإنجيلي أو التوراتي خاصة وأن عقيدة التثليث وليدة القرن الرابع الميلادي
فمجمع نيقيه في زمن الإمبراطور قسطنطينوس سنة 325 ميلاديه هو من قرر تأليه الإبن يسوع بجانب الأب
ثم أكمل مجمع القسطنطينيه في 381 بإقراره تاليه الروح القدس وهو جبريل بجانب الأب والإبن
أتفق أن هناك مشكلات علي مستوي تطور الأديان الثلاثه وإن كانت لم تمس الأصول في الإسلام كما مست الصول في اليهوديه والمسيحيه لكنني أناقش مسأله أهم من هذه التمايزات تتعلق بالإستقطاب الحادث من أتباع الديانات الثلاث وإحتكار الجنه الذي يمثل خلط واضح وبين بين ما هو إلهي وما هو بشري
والقرءان الذي هو مرجعيتنا الأعلي ومصدر تشريعنا يقول في غير موضع أوامر واحكام تتعلق بتصريف الجنه ومفاتيحها
ونجد في القرءان آيات كثيره اسوق منها هذه العينه

بلي من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون



الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون



فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقي



إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصاري والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامه



ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمبن

وهناك الكثير من هذه النماذج في القرآن التي توضح أن معيارية الأفضليه يفصل فيها الله سبحانه وتعالي مع توافر الإشتراطات الأساسيه من التوحيد وحتي في عدم توافرها فالله يفصل بين المسلمين وبين الصابئين والمجوس
وهناك آيه في سورة الأحزاب يأتي أولها قائلاً


إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات


ثم تعدد في طوائف وصفات إلي أن تنتهي


أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً


وواضح في الآيه عدم الجمع بين المسلمين والمؤمنين طبعاً لإختلاف الدرجات فالمسلمين من أتباع محمد أقل من المؤمنين ولكن النص مفتوح علي التأويل وليست بنيته مغلقه بهذا التحديد وتحتمل التأويل علي وجه أن المسلمين تشمل أصحاب الديانات السماويه الأسبق علينا

لأكتفي بما سقته من أدله قرآنيه ولأختصر الموضوع واوجزه فإن أردت ان أعدد الآيات التي تؤكد علي أن الإسلام هو التوحيد وأن الكتابيين موحدونسوف لن أنتهي
وكذلك الآيات التي توضح أن مرد هذا الأمر لله فقط
وليس هناك ثمة علاقه شرطيه للثواب والعقاب والجنه والنار
وللرسول حديث صحيح يقول
لن يدخل أحد الجنه بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا إلاأن يتغمدني الله برحمته
أي أن المحك ليس إتباع محمد ولا عيسي ولا موسي وليس لنا من سلطان علي الله إن أراد لنا النار أو أراد لهم الجنه
ولكنني أعتقد يقيناً أن إنفتاح بنية النص القرءاني علي التأويل الذي يحتل كلا الوجهين ليست إعتباطاًً بأي حال من الأحوال
وأن الأديان في مجمل صورتها وتنوعها هي وسيله وليست غايه
مصداقاً لأمر المولي لنا في القرءان



وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا والذي أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون



أي ان العبره في الغايات وصحيح أن هناك مبدأ إسلامي يقول إن التعبد بالوسائل مهم كالتعبد بالغايات وأنا أتفق معه إلا أنه يجعل الخلاف خلافاً جزئياً وليس كلياً أي أنه يجعل العمل منقوصاً وليس ملغياص
ولكن المشكله كلها تتلخص في التعصب من جانب أصحاب الديان جميعهم بلا إستثناء ومناقشة الأديان السماويه في تمايزاتها وإختلافاتها لم يتمكن أحد من أن يقوم بها بحياديه مطلقه حتي أكبر رجال وعلماء الأديان المقارنه لأن التحيز يظل قائماً علي مستوي إيجابي أو سلبي ولن يستطيع أي منا أن يحيد مدة ممارسه تساوي عمره علي الأرض الذي قضاه في التعلم والفهم
المشكله أننا نتحاكم فيما بيننا بكتب خارجه عن إطار غيماننا
وإن كنا نحن نؤمن بالكتب السابقه علينا فليس الأمر بنفس الشكل بالنسبه للمسيحيين واليهود وهو ما يجعل من محاولة محاكمتنا لهم وإجراء قواعدنا عليهم ظلم وتجاوز في أبسط الأعراف الحياديه والمنطقيه
الموضوع ليس نزاع ولا صراع علي مكاسب لأننا لا نمتلك الكلمه الفصل التي يحتفظ بها الله لنفسه في يوم سيجمعنا جميعاً
لكننا نستطيع أن نقيم مساحه من الفهم والتفاهم المتبادل ونترك ما لله لله
ويظل السؤال قائماً رغم أنني حاولت أن أتعامل بموضوعيه معه من إطار القرءان دون التدخل مع الإنجيل الذي أحفظ منه أجزاء كبيره لكنني لم أشأ أن أستشهد بها منتظراً أن يكون هذا المقال باباً لتفجير حوار متسامح مهدئ للبؤر الساخنه بيبن أتباع أديان سماويه خرجت من نقطه واحده



واعتذر إن لم يأت إستشهادي كاملاً في نظر أحد أو معيباً لأنني لا أعد موضوعاتي مسبقاً وأجلس أمام شاشة الكمبيوتر دون أن أعرف ماذا أكتب
أي أن موضوعاتي تكون إسترجاعاً وتداعياً حراً من الذاكره
أحاول إثارة السئله بها أكثر من محاولة إجابتها
لنتحاور ونصل إلي نقاط إتفاق مرضيه وعقلانيه قدر المستطاع
ويظل التساؤل قائماً


هل يدخل اليهود والمسيحيين الجنه؟

هناك تعليقان (2):

mohamed hassan يقول...

شكرا بس خلي بالك من التكفيريين

حسن مدني يقول...

عزيزي حازم
بداية الفرق بين الإسلام الإيمان أن الإسلام يتضمن العمل، ويمكن المحاسبة عليه في الدنيا، فأنا لا استطيع أن أعرف إن كنت أنت مؤمنا أم لا- لا يوجد طريقة أعرف بها ذلك، لكنني من عملك أستطيع أن أعرف إن كنت مسلما أم لا..
وأنا أتكلم هنا عن الإسلام الذي أمرنا به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عبادة وشريعة وعقيدة.
فالإسلام كعقيدة هي نفسها عقيدة الأنبياء منذ آدم، إلى محمد صلى الله عليه وسلم. أما العبادات والشرائع فالأغلب أنها تغيرت من نبي إلى آخر ومن أمة إلى أخرى
أما عن موضع من يدخل الجنة، فما نعرفه هو أن من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون...
وشملت الآية الذي آمنو (المسلمين) والذين هادوا و النصارى والصابيئن
أربع أديان من أهل الكتاب
ملاحظة أخرىـ يرى البعض أن اسم النهود مشتق من يهوذا، والبعض يرى أنه مشتق من فعل (هاد) أي تاب ورجع، وتراه في الآية الذي هادوا على وزن الذين آمنوا كفعل ماضي، بخلاف لفظ النصارى الذي هو اسم، يعتقد النعض أنه مشتق من النصرة والتأييد، والبعض يرى أنه مشتق من الناصرةـ أو الناصري - باعتبارهم أتباع يسوع الذي من الناصرة.
تحياتي