الثلاثاء، 6 نوفمبر 2007

سَلَطَة المؤتمر العام لحزب القطاع العام

سمعنا في بداية التسعينيات عن سياسة التثبيت والتكيف الهيكلي والتي عرفت تجارياً بإسم الخصخصه
وقد سارت فيها بقوه حكومة الدكتور عاطف صدقي بعد أن وضع مبادئها الدكتور عاطف عبيد وزير التخطيط ثم تولي الوزاره ليطبقها علي أصولها
وبصراحه فقد طبقها كما ينبغي أن تطبق لدرجة أنه لم يفلت شركه من شركات القطاع العام حتي الرابحه إلا وتخلي عنها
وفي أثناء هذه المعمه كلها كانت خطوي أخري علي صعيد آخر وبالعكس تماماً وهي خطوة تأميم
ولا سمح الله مش تأميم شركات ولا أموال ناس ولا حاجه ولكنه تأميم سياسي عبر تحويل الحزب الوطني الديمقراطي من حزب سياسي يعتبر كؤسسه خاصه إلي مؤسسه رسميه تتبع الدوله أو تتبعها الدوله واصبح الحزب الوطني كيان إعتباري رسمي في الجهاز التنظيمي والإداري للدوله
ومؤخراً أقيم المؤتمر العام التاسع للحزب وهو في كل الأحوال وعلي كل الفروض شأن داخلي لكن الحزب أبي إلا أن يحوله إلي شأن عام وفعاليه من الفعاليات الرسميه للدوله
وعلي مستوي المؤتمر إن أردنا أن ننتقد فهناك الكثير من ناحيته
ليس أولها أن تصدر الصحف قائله أعضاء الحزب ينتخبون الرئيس مبارك بالإقتراع السري رغم أنه المرشح الوحيد وبالطبع فلا يجرؤ أن يترشح قبالته أحد
وسوف نجد من الإنتقادات الساخنه التي يمكن أن توجه أيضاً أن يقال أن تجديد كل المواقع تم عن طريق الإنتخابات لنجد الخبار تقول أن الرئيس مبارك يعين الأمانه العامه للحزب
وأن نجد أنه علي مدي أربعة أيام عقد خلالها المؤتمر وجدنا الساده الوزراء ورئيسهم علي مدي أربعة أيام متفرغين للمؤتمر رغم أنهم موظفون رسميون وأن مصالح الشعب المصري معلقه في أيديهم ووقتهم ملك هذه المصالح
إن شئنا أن ننتقد أو أن نعد النتقادات فسوف نسرد إلي ماشاء الله ولكن أولاً وأخيراً هي أمور داخليه في الحزب تتعلق بالشأن الداخلي ليس معني هذا أنها غير مهمه بالعكس هي مهمه وضروريه وتطرح حجم التناقض والتجاوز والفساد والإستعباط داخل هذا الحزب الذي يتعمد أن يضع المصريين سواء أعضاء الحزب أو المتعابعين أو من لايهتمون بالسياسه في موضع الأغبياء
لكن رغم هذا هناك الأهم وهو ما استفزني أكثر من كم الفساد والهبل الذي غلب علي المؤتمر
وقد أحسست بالغصه تحديداً عندما أعلن السيد الموقر زكريا عزمي الأمين العام المساعد لشئون التنظيم والعضويه والماليه والإداريه أن موازنة الحزب الوطني الديمقراطي كانت 30 مليون جنيه في عام 2006 وأصبحت 49 في عام 2007 وعندها فقط بدأت أفكر
في ما يحدث من تداخل بين الدوله وبين الحزب
بين لجنة السياسات وبين الحكومه
بين أمانة الإعلام وبين لجنة الإعلام
بين وزارة الماليه وبين موازنة الحزب الوطني
بين رئيس الحزب الوطني وبين رئيس الجمهوريه
إن تكلفة إقامة مؤتمر كهذا بتكلفة إقامة الأعضاء والإنتقالات والمعيشه تتخطي موازنة الحزب في عام كامل
بل إن تكاليف تشغيل مقرات وفروع الحزب الوطني علش مستوي الجمهوريه والتي هي بالأساس مقرات الإتحاد الإشتراكي الذي لم يكن حزباً سياسياً خاصاً وإنما كان جزئاً من هيكل الدوله واستولي عليه السادات تتخطي ميزانية الحزب في عام كامل
إن وجود جمال مبارك كأمين للجنة السياسات بالحزب الوطني علي الساحه الإعلاميه والرسميه للدوله وتنازعه الإختصاص مع الحكومه بل ورئيس الدوله ليس بأمر مقبول لا قانونياً ولا دستورياً ولا شعبياً
إن إعلانات بلدنا بتتنيل _ تتقدم _ بينا العبقريه التي تثير الغثيان تكلفة إنتاجها وإذاعتها التي تتم بكثافه عبر عدة أشهر خلت تفوق ميزانية الحزب في سنوات وليس في سنه واحده
إن شغل الصاله المغطاه بإستاد القاهره علي مدار أربعة أيام أعتقد أنه يتكلف مبلغاً ليس بالقليل ومإن كان قليلاً فهو غير مدفوع
إن تسخير جميع ةقنوات التليفزيون الأرضيه والفضائيه علي مدار أربعة أيام لعرض المؤتمر ووقائعه علي الهواء مباشرة في تسويق واضح للحزب الوطني وأنشطته وممارساته وفي تميز له عن الأحزاب الأخري التي تريد وتعرض ولا تأخذ
وأذكر أن الحزب العربي الناصري أثناء مؤتمره العام الذي عقد من عدة أشهر وكان أثناء الأجازه الصيفيه طلب استئجار قاعة المؤتمرات بجامعة القاهره لعقد المؤتمر ولكن رفض طلبه ولم يقدم عن المؤتمر شئ في قنوات التليفزيون
أي أن التميز الذي حظي به الحزب الوطني كتسويق لأنشطته وسياساته بما أن الأمر خارج المساواه بين الأحزاب فهو ليس إلا إعلان مدفوع الأجر ولنحسب تكلفة الأربعة أيام علي جميع قنوات التليفزيون ولأكثر من عشر ساعات في اليوم وبـ 40 ألف جنيه للدقيقه
هي بالطبع تتخطي موازنة الحزب في عقد كامل
ولكن المصيبه الكبري والتداخل الأعظم ليس في الإعلام ولا في الماليه ولا في السياسات ولكن في القمه التي تخلق كل هذا التداخل
فالقواعد الديمقراطيه في أبسط صورها تقول أن مبارك رئيس لكل المصريين ولا يحق أن يحتفظ في نفس الوقت برئاسته للحزب الوطني
بل أنه إجتمع في ثالث أيام المؤتمر بأعضاء الأمانه العامه في مقر رئاسة الجمهوريه ليخرج الأمين العام السيد صفوت الشريف متحدثاً في مؤتمر صحفي من تحت شعار رئاسة الجمهوريه وخلف منصه تحمل نفس الشعار ومعلناً ما تم بإسم الرئيس في تداخل شنيع وصارخ ومرفوض
وإن افترضنا أن الرئيس لم يقصد هذا التداخل وإنما ظروف السن والحاله الصحيه وخوفه من ستة آلاف من الرعاع أعضاء الحزب الذين لا يطمئن لهم حال بينه وبين أن يعقد أنشطته في مكان المؤتمر فلماذا بالتحديد قاعة الإجتماعات برئاسة الجمهوريه ولماذا يتحدث صفوت الشريف من هذا الموقع والقصر ملئ بالغرف وقاعات الإستقبال إلا إن كان مبارك يتعامل مع المكان بمبدأ الملكيه ولظروف حالته وما ألم به من زهايمر إعتقد أن هذا القصر ملكيه خاصه أو أحد ممتلكات العائله الكريمه التي آلت إليه بالميراث وليس ضيفاً سوف يرحل لا محاله إن عاجلاً أو آجلاً
في كل الأحوال فإن هناك الكثير من الممارسات التني تستحق النقد في تصرفات الحكومه وفي تصرفات الحزب وفي تصرفات الرئيس وفي تصرفات نجله وزوجته
لكن ليس هناك ما يستفز أكثر من هذا التداخل الذي بات شبه أمر واقع ويعكس حاله من الإحساس بالملكيه لدي الجميع
ولابد أن نعي أن البلد لا يورث حكمها وإنما ماضون في توريثها كامله لجمال وللحزب

ليست هناك تعليقات: