السبت، 1 سبتمبر 2007

مصر دوله يتيمه وإحنا أيتام وتجوز علينا الحسنه

حاجه غريبة إللي بتحصل للبلد دي وفيها
مصر دي حاله فريده من اليتم والإحتياج
مش عارف ليه طول تاريخها دايماً اليتم مطبوع علي جبينها
كل ماييجي حد يمسح حزنها أو يحسسها بالأمان يروح ببلاش لأن اليتم بقي حكم نهائي غير قابل للنقض
من زمان
من أيام الفراعنه والفقد هو السمه الأساسيه المميزه للبلد المنكوبه دي
أخناتون إتكفر وإتنسي والكهنه المخلصين لآمون سموه ساقط تل العمارنه وتحاشوا ذكر إسمه وكأنه ضر البلد وكان ضد مصلحتها
كليوباترا طلعوها عاهره وبتاعة رجاله وهمها علي متعتها ولذتها الخاصه
أيبك وأقطاي وغيرهم صوروهم علي إنهم بتوع نسوان وإن شجر الدر كانت حاطاهم في صباعها زي الخاتم
محمد علي بقينا نفتكر فجأه إنه تاجر دخان وإنه مجرم وعمل مذبحة القلعه وإنه بس جد فاروق وفؤاد
وعياله كلهم إسماعيل أو سعيد رغم جمايلهم علي البلد دي بقوا خونه وعملا فجأه
عبد الناصر بعد ما دفع من عمره وصحته وأعصابه راح بلاش وجه بعده السادات علشان يمسح كل إللي عمله وبعده مبارك يستلم عهد التشويه وطمس إنجازات عبد الناصر وكأنه كان حقبه سوده في تاريخ البلد اليتيمه دي
وبرغم إتفاقي أو إختلافي مع كل إللي أنا ذكرت أسمائهم إلا إن الموضوع محتاج وقفه
لأن إحنا دايماً نرضي ونستسلم بالأمر الواقع من غير تفكير وكأن اليتم والفقد والحزن مكتوب علي جبين أهالينا كتاب منزل من عند الله
طبعاً كل إللي فات ده مش كلام عايم ولا مقدمه مصمته دائره في كيان مغلق
لأن ده نتج عن إحساس خاص بالفقد التام
وده بعد موت أب وأخ وصديق وأستاذ كان حاله من الحالات إللي سبق ذكرها رغم إختلاف الأدوار والمواقع لكن كان شخصاً من الذين حملوا علي عاتقهم مهمة مسح دموع هذه البلد وعدم تركها فريسه لإحساس اليتم العارم
محمد عبد المعطي
إسم عادي وموجود كتير
ممكن تلاقي ألف ألفين تلاته إسمهم محمد عبد المعطي
ممنك يكون ليك قريب أو صاحب أو جار بنفس الأسم
لكن بالتأكيد مش زي محمد عبد المعطي
بني آدم يا أخي غريب
أب وأخ وصاحب لكل إللي يعرفهم من 15 سنه لستين وسبعين
مناضل وثوري ومساند لكل الشرفاء بيحب الإخوان والوفد والتجمع وكل إللي بيقول كلمة حق في البلد دي رغم إنه مش منتمي لأي منهم
كان منتمي بشكل أكبر وأوحد لنفسه ولأصحابه وللبلد دي زي ماعرفها في أشعار حداد وجاهين وبيرم
وزي ماكتبها بعد كده في أشعاره
إشتغل في جريدة الفيوم إللي كان بيصدرها الحزب الوطني في الثمانينيات ورغم كده ما إنضمش للحزب بل إنه كان بيهاجمه في جريدته وبيشتمه بفلوسه
إشتغل في وفد الفيوم وهو برا الوفد ما جاملش ولا مدح
إتعاون مع التجمع والناصري بصراحه ووضوح ونقد لسلبيات الكيانات الحزبيه الهشه
بني آدم تتكلم معاه يبكيك علي البلد ويحسسك بالأمل في نفس الوقت
كلامه رصاص بيشق صدرك وصدر أي مصري مهموم ويحسسه إن البلد إللي إحنا سايبينها في محنتها دي تستاهل مننا أكتر من كده
وبحاسة الإستشعار العاليه إللي عنده بيحس بسرعه بإن قدرتك علي التحمل بدأت تروح وقواك بدأت تخور
ينقل علي طول علي محطة خفة الدم ويديها نكت بتفتح بمشرط الضحك نفس الجرح بس برفق وحنيه لحد ما تفضي منه صديد اليأس وقيوح الإستسلام
ضحكته مفروده علي الآخر
بني آدم شفاف لدرجه تكاد تتماهي مع العارفين والصوفيين وأولياء الله
تخيل آخر مقطع كتبه قبل ما يموت إيه



فيها إيه
لو كسّرت القلم إللي ف إيدك
وكفرت بنفسك
ولعنت العالم ميت مرّه
وطفيت الجمر الوالع جوّاك
الشبابيك
مش لاقيه لها مكان ع الشارع
والموت ..... مابيرحمش




آخر مقطع كتبه قبل مايموت بساعتين تلاته
بني آدم تحس معاه بالجرح إللي فاتح صدورنا وممرر قلوبنا
وتحس معاه بالأمل إللي مش لاقيينه في أي مكان تاني
بيكتب شعر
وبيعارض
وبيثور
وبيهاجم مبارك وإبنه والتوريث
وبيحتضن الشعراء الشباب
وبيعلم ويدل
ويلعب طاوله
ويغني
ويرقص
طفل صغير وشيخ عجوز وشاعر فارق
أعتبره بشكل شخصي لا تدخله المجامله وبناء علي أحكام نقديه أعتبرها موضوعيه إلي حد كبير وبرصيد من الإطلاع علي أشعار جيل الثمانينات في أغلبه
أن محمد عبد المعطي أشعر أبناء جيل الثمانينيات قاطبة
كتب الأغنيه والمسرح والشعر المفعم بالتجربه والفلسفه
تخلي معظم هذا الجيل المنكوب عن قصيدة التفعيله وإتجه إلي كتابة النثر كجزء يطرح بطريقه غير مباشره تخلي أغلب بل كل أبناء هذا الجيل عن القضيه برمتها والإنسياق خلف معادلات أدبيه حديثه خرجت من رحم أنظمه سياسيه لا تقيم وزناً للمشاعر الإنسانيه والقضايا الفرديه
لكن محمد عبد المعطي ظل رابضاً في موقعه مدافعاً عن قضاياه بإسلوبه وطريقته المفضله والمحببه له ولجمهوره
تراه في الأمسيات الشعريه مكتسحاً كل من يقتسم معه منصة الأمسيه
غول شعري وإعلامي وثقافي وإنساني
يبتلعك دون تفكير وتراك تسبح في محيطه الهادر دون أن يجبرك أو يدفعك هذا للتخلي عن خصوصيتك وملامحك الذاتيه
هو حاله فريده من البشر
وموته أيضاً حاله فريده من الفقد وحلقه ضمن حلاقات مسلبسل اليتم المصري المفتوح من أيام الأجداد ولازال يبتلع إلي اليوم كل من يحاول أن يكون أباً لفكر أو فعل أو وطن
هو بالتأكيد حاله من الفقد المتناهي قد ا تستشعرها معي في شخص عبد المعطي لأنك قد تكون لا تعرفه أما إن كنت تعرفه فسوف تستشعر هذه الحاله
وإن كنت لا تعرفه فسوف تستشعرها أيضاً في أبٍ مماثل ذهب ضمن حلقات المسلسل اللعين تعرفه أنت ولا أعرفه أنا
قد يكون أب أو أخ أو صديق لكن بالتأكيد كان شيئاً مهماً في حياتك الشخصيه وتمثيل للأبوه والوطنيه
اليتم قدر في هذه البلد لا محاله
وفي نفس الوقت فلا بارقة أمل بمعادلة حالة اليتم هذه لأنتنا أصبحنا في هاوية تنحدر بالبلد إللي مرحلة العقم التي أعتقد أنها لن تتمكن فيها أن تنجب أمثال من خلفوا لنا الحسره برحيلهم
يتيمة هذه البلد وأيتام نحن فيها
وتجوز علينا الحسنه

هناك تعليقان (2):

بنت الاسلام يقول...

هذا هو التاريخ
ياتي باناس ويقضي علي اناس
يخلد اناسا لايستحقون التخليد ويمحي اناسا ربما لوعلم الناس عن انجازاتهم شيء لاقاموا لهم تماثيلا تخليدا لهم
ولكن في النهاية هذا هو التاريخ
وهذه هي مصر
اليتيمة
http://battabakr.maktoobblog.com/?post=492169

nosha يقول...

للأسف الشديد إن كل الكلام اللي أنت بتقوله هو الحقيقة المرة والصعبة لبلدنا مصر ...... ولكن
لما يتعلم شعب مصر كله إنه يقول لا للظلم والاستبداد والديكتاتورية ويحلم ببكرة أحلى والشعب يتعلم إزاي يقول كلمته بجد
ساعتها بس كل ده هينتهي ونلاقي مصر اللي إحنا عايزينها واللي بنحبها
تحياتي ليك